الرجل الذى فقد أنعكاسه
عندما نظرت إلى المرأة هذا الصباح لم أجد انعكاسى
فزعت بشدة ثم تذكرت فجأة ما حدث ليلة أمس
كيف يمكن أن افعل ما فعلته؟
لقد طلبت من أنعكاسى الرحيل لمدة يومان وعند سؤالى لماذا, لم أجبه رغم علمى
كنت اتسائل هل يمكن العيش دون وجوده يومان؟
وها يبدأ اليومان وأول أنطباعاتى الفزع
عند الظهيرة كانت الشمس كالعادة محرقة
اعمل أنا والعامل - عامل ضعيف البنية من الأقصر لا اعلم ما الذى أحضره لهذا المكان المنفى أسمه حجاج - امسح قطرات العرق والقيها أرضاً وانظر
لا ظل لى
انظر إلى العامل لأجد ظله ضخم مرتسم على الأرض رغم صغر حجمه
انظر مرة أخرى إلى ظلى ولا أجده
تمنيت أن لا يلاحظ ذلك وأنسحبت فى خوف معللاً تعبى من العمل
وكانت ثانى أنطبعاتى الخوف
أعتدت أن اصوم مع حجاج طوال اليوم
الطعام ليس كثيراً ودون صيام نتناول فى اليوم وجبة واحدة وهو ما لم يتغير حتى فى الصيام
وعند ميعاد الأفطار جلسنا على المائدة
أخذت اعبث بالمعلقة فى طبق الطعام دون أن أكل كنت أفكر طوال الوقت فى هذا الإنعكاس وماذا سوف يحدث لى إن رفض العودة
كيف سوف أعلم ملامحى؟
كل مرة سوف أنظر إلى المرأة سوف ارى لا شىء
قاطع أفكارى العامل وهو يقول : لما لا تأكل أنت لم تأكل شيئاً منذ الصباح
أجبته : لا أعلم ... لا نفس لى
بعدم أقتناع قال : لكنك لم تأكل شيئاً وامس كما تعلم لم نتسحر
لم أعلم بما اجيبه
اشعلت سيجارة فنظر لى برفض وقال : سوف أحفظ لك وجبتك لتأكلها فيما بعد
وكانت هذه ثالث الأنطبعات
فيما بعد جلست جلستى المفضلة بجانب السور المنخفض للمبنى
أخذت انظر إلى الطريق .. لا سيارات كثيرة هذه الليلة
وفجأة بدأت الحديث إليه
- لما تركتنى أفعل هذا؟
- لأنك تريد فعل هذا
- لا تجعلنى أبداً أقوم بتلك الأفعال الحمقاء
- وهل تعتقد أنى سعيد بهذا القرار؟
- لا بالتأكيد لست سعيد لكن هل تعانى مثلى؟
- ماذا تعتقد؟
"من تحدث؟" .. كان هذا حجاج فنظرت له بدهشة وتسائلت فى داخلى هل كان صوتى عالى؟
لم أجبه نظر بعدم فهم وشفقة ثم قال: هذا لأنك لم تأكل شىء منذ البارحة فلتأكل الأن وإلا سوف تجن بسبب عدم الأكل
ابتسمت له بصمت وقلت: لا أحد يجن بسبب عدم الأكل ... إن جعت سوف أقول لك
- أتريد شاى؟
أجبته بالنفى فذهب ليعد لنفسه شاى
وكانت هذه الرابعة
كانت تسليتى كل يوم فى هذا الوقت هو محاولة قتل أكبر عدد من الفئران
كنت أنتظر حتى تدخل إلى الغرفة التى تحتوى على الثلاجة لأغلق الباب
وأسد الفتحة أسفله وتبدأ المغامرة التى تنتهى بقتل الفأر أو الفئران
رأيت حجاج يركض إلى ليقول: لقد رأيتها الفأر الأم فى الغرفة هيا لنقتلها
نظرت له بفتور وأجبته: لا رغبة لى سوف أقتلها فيما بعد
قال: لكنها لا تظهر كثيراً وإن لم نقتلها قد لا نجدها ثانياً
نظرت له بغضب ثم صرخت فى وجهه: قلت لك لن أقتله أغرب عن وجهى الأن
نظر لى بخوف ثم رحل فأخذت أفكر فيما فعلته
لمدة ثلاث سنوات فى هذا العمل لم أصرخ فى وجه أى احد من قبل قد يكون لهذا السبب يحب الجميع العمل معى ,ما الذى جناه هذا العامل لأفعل هكذا؟ ... اللعنة لم أعد أنا لقد تغيرت إلى الأسوء كل هذا بسبب الأنعكاس لقد رحل وأخذ ما يخصه منى
- حجاج
- أفندم
- أنا أسف ... لا تغضب لم أكن أعنى ما قلته
- لا يهمك يا باشا .. أنت منذ الصباح ويبدو عليك الضيق ... أيوجد شيء يضايقك؟
نظرت له مفكراً حتى هو لاحظ أن هناك شيئاً غريباً حدث لى
- لا يوجد شىء ... أنا مرهق قليلاً فقط
وهى حجة تصلح لأى شىء ويعتبرها الكل سبب مقنع ثم قلت له : هيا لنقتل الفأر
بخيبة أمل قال: لقد هرب لكن لا يهمك سوف نجده غداً
هززت رأسى له فذهب ليكمل ما كان يفعله
عندما جاء الليل ذهب كل شخص إلى غرفته أخذت افكر فى الظلام
يجب أن يعود كل شىء كما كان غداً لن أنتظر إلى بعد الغد
هكذا لن أستطيع الحياة إلى بعد الغد
لا
يجب أن يعود كل شىء كما كان الأن
لن أنتظر إلى الغد لكن الوقت متأخر
لا أعلم كيف أصل لهذا الأنعكاس
أشعلت الضوء وذهبت إلى المرأة لأحدث ... لا شىء الحائط خلفى مرتسم على المرأة وبجانبه باب الغرفة ... كل شىء الا أنا
لم أعلم ما يجب فعله فذهبت محاولاً النوم
وكما توقعت كانت كلها كوابيس حلمت أن بعد مرور اليومان يرفض أنعكاسى العودة أو الحديث مرة أخرى
أخذت أحاول اقناعه لكنه رفض فجلست على الأرض أبكى ولم أستطع أن أقوم لأركض خلفه أخذت أناديه
فنظر لى ضاحكاً وقال : سوف أجد شخص أخر يحتاج إلى أنعكاس ... أنت من تخليت عنى
أحاول الوقوف دون جدوى وبرزت جذور فى الأرض التفت حولى وبعد لحظات تحولت إلى شجرة دون أفرع أو ورق ... دون ظلال
فنظر لى مرة أخيرة قبل رحيله وقال: هكذا أنت دونى شجرة يابسة
أستيقظت غارقاً فى عرق كريه
حاولت النوم دون فائدة يجب أن أحدثه لأعتزر له
يجب أن يعود مرة أخرى إلى
بحثت عن حجاج صباحاً فلم أجده ترك لى ورقة مكتوب عليها ... ذهبت لإحضار الطعام
أقرب مكان لإحضار الطعام يبعد عنا 50 كم لذا فهو يستيقظ منذ السابعة ليبحث عن أى شىء يصله إلى هناك ودائماً تكون عودته الثانية ظهراً أو بعدها
توجهت إلى الحمام الضيق لأخذ دشاً لأتخلص من أثار عدم النوم
نظرت إلى الصحراء من الشباك الصغير فى الحمام الطريق يبعد عنا 150 متر قلما تمر عليه السيارات
نظرت بعدم أهتمام إلى الزجاج كل هذه الأتربة فى الخارج يفصلنى عنها هذا اللوح الزجاجى الهش أخذت ادقق النظر فرأيت أنعكاسى مشوهاً بسبب الأتربة و .. لم أصدق فخرجت إلى المرأة ونظرت
لقد عاد
نعم انه أنا أنظر إلى أنعكاسى الذى يبادلنى النظر مندهشاً غير مصدق
قلت له: أبداً لا تسايرنى فى تلك الأفكار الشاذة هل سمعت ... أبداً
نظرت له منتظراُ أن يجيب فرأيته كما أعتدت ينظر لى منتظراً أن أجيبه أبتسمت فأبتسم
رفعت يدى اليمنى فرفع يده اليسرى
لقد عاد
خرجت إلى الشمس لأنظر إلى ظلى فوجدته مرتسماً على الأرض رفعت يدى فرفع يده
لقد عدت كما كنت
رغم عنى لم أستطع المقاومة لأعود إلى المرأة وقلت له موبخاً: لما أتيت الأن لقد أتفقنا أن ترحل ليومين مازال أمامك 22 ساعة
فرأيته يبتسم إلي
أم كان أنا من يبتسم؟
Comments