رمال وسراب

قلت لها يوماً : أنت تمنحى الحلم لمن لا رجاء له
فأبتسمت وأكملت طريقها إلى مدخل البوابة المؤدية إلى الطائرة دون كلمة

فى الليل أخرج إلى الشرفة لأودع الصحراء
أنظر بهدوء إلى الرمال التى تتحرك بعنف
أحاول التماسك أمام كل هذا الهواء
لأدخل فى النهاية مرة أخرى إلى غرفتى
فقد تعلمت منذ زمن أن لا أقاوم الطبيعة
فهى الوحيدة ذات الكلمة الأخيرة دائماً

ليس كل إنسان يعلم
ليس كل شيخ يعلم
ليس كل طفل يعلم
لكن فقط من رأى الضوء يشعر

مجرد من مشاعر الكراهية
أرجع مرة أخرى إلى الصحراء
لأنظر إلى كل ما مر بى
وأبتسم

نظرت لها مرة أخرى وقلت
ليتنا نستطيع الأستمرار سوياً
فرغم عنى قد أتيتي إلى عالمى
وبنيت عرش فيه لا أستطيع تجاهله

أجابتنى :
هذه معجزتى

أنظر إلى مقبرة أجدادى
لقد دفعت ثمن أخطائكم جميعاً
كل ديونكم أُستوفيت
فلتتركونى فى سلام الأن لأبحث عن وطنى

أستيقظت يوماً وجدت أن الكل قد أصبح مؤمناً
أعتقدت أنه يوم الدين
أو أنى قد نفيت إلى جهنم أثناء نومى
فدخلت كهفى الخشبى ونمت مرة أخرى
وبعد مرور ثلاثون عام أستيقظت
لأجد أن الكل عاد كما كان
فأعتقدت أنى فى الجنة
أم يكون نفاق البشر قد أصبح أكثر غباء حتى يخدعوا الله بهذه الطريقة

- أنا أكرهه
- وأنا ايضاً
- أحب الموسيقى الفرنسية
- وأنا ايضاً
- أحب الجلوس على المقاهى
- وأنا ايضاً
- أحب الجنون دون قيود أو اسباب
- وأنا ايضاً
- إذا كان كل هذا مشترك بيننا لما تريدى الرحيل؟
- لأنك أنت ايضاً تريد الرحيل

الأسكندرية
لم أراها منذ ثلاث سنوات
كنت أعشقها
أذهب مرة كل أسبوع
وفى يوم قُبض على ووضعونى فى غرفة مغلقة ليقول لى أحدهم : أنت لست منا
أجبته: بلى أنا منكم الا ترى لونى ولغتى؟

قال: لا يكفى .. يجب أن تأتى معنا لتكون منا
وذهبت معهم وبعد أعوام اطلقونى قائلين: نعم أنت منا الأن
لكن بعد فوات
لم أعد مثلهم
من قال أن اللغة واللون دليل على معسكرك أو وطنك؟

عندما عُلق على المشانق لم يبكي أو يصرخ
ذهبت اليه لأسئله : ماذا تريد قبل موتك؟
نظر إلى وأجاب : أنت تعرفنى منذ كنت طفل وتعرق أبى ... أريد الخلود وأن يرحل أبنى من هذا الوطن
وبعد أعوام أزداد الشعر الأبيض فى جانبى رأسى
وكانت المشانق معلقة مرة أخرى
فذهبت إليه وسئلته : ماذا تريد قبل موتك؟
قال : الخلود وأن يرى أبى ما فعلته يداه .. هل قلت لأبنى الذى لن أراه أن يرحل من هذا البلد .. لأن لا كرامة لنبي فى وطنه
نظرت له بهدوء وقلت : ألم أُبلغك رسالة أبيك؟ ... لما لم ترحل؟ وهل تعتقد أن ابنك سوف يرحل؟ لا أتمنى أن اكون مسئول عن قتله مثلك وأبيك ثم لا كرامة لنبى فى وطنه ولا كرامة لأى إنسان فى هذا الوطن .. سوف أبلغ أبنك مثلما ابلغتك

- إستمعى إلى
- ماذا؟
- لن أرحل ولن ترحلي
- لماذا؟
- لأنى أريدك معى الأن ودائماً
- لكنى....
- لا تكملى سوف نكون معاً هذا يكفينى
- ويكفينى أيضاً

ورحلت الطيور إلى أماكن هجرتها
وماتت الشجرة التى كنت أزرعها
وجفت الأبار والعيون
أما الصحراء فمازالت كما كانت
شامخة
لا تتغير
ولا تمل عدم التغير

Comments

Popular Posts