مذكرات عجوز ... أيام الحرب ... 1
لقد أنتهت أيام الحرب
لا يتذكر الكثير هذه الأيام
كما لم أعد أتذكر الكثير من أسماء من قُتلوا غدراً فى ذلك الوقت
كنت تشعر فى تلك الأيام أن الجميع ضد الجميع
لم تكن تعلم بمن تثق
فأنت لا تجسر على أن تثق بأى أحد لأنك تعلم ان العملة الوحيدة للتعامل أصبحت السلاح
كم من شخص قد قُتل نتيجة ثقته بأخيه الذى قتله لمجرد الحصول على سلاحه
تلك كانت فترة الحياة فعلاً
كل شخص كان يعلم قيمة أن يعيش يوم أخر
أن يستيقظ صباحاً ليرى شروق شمس أخر
كان كل يوم معركة من أجل البقاء
ورغم هذا لم نكن نكره بعض
كان هناك حافز يحرك الجميع
وهو عدم الرغبة فى الموت
ولكى لا تموت يجب أن تحصل على سلاح
ولتحصل على سلاح يجب أن تقتل من معه السلاح
كانت معادلة بسيطة تحولت بعد عدة أشهر من بداية الحرب إلى قانون
كم من مرة رأيت بعض من أحتفظوا بأدميتهم يقتلون بسبب هذا القانون
فى مرة رأيت شاب كان يركض أتجاه فتاة ملقاه على الطريق
كنت أراقب الشارع من فوق لم أعلم متى سقطت تلك الفتاة أو من قتلها
أخذ الشاب يحاول أن يحركها
يحاول أن يقيس نبضها
ثم رأيته يحاول القيام بسرعة وهو يلتقط سلاحه
لكنه كان بطىء الحركة
صوت طلقات ويموت الشاب لتقوم الفتاة وتلتقط سلاحه
وكان هذا شخص أخر مازال محتفظ بإنسانيته لكنه أخذها معه إلى الموت
بالتأكيد مشهد الجثث فى كل مكان أصبح من الواقع
لم يعد هناك اى رغبة فى مساعدة من مات أو دفنه
لا وقت لهذا
أن تعبش أفضل من أن تدفن من مات
لكن صوت طلقاتى كان الإنتقام من موت الشاب
لا أعلم من هو ولا أعلم من هى
كل ما أعلمه أنى وضعت قانون لهذا الشارع
وقد وافق عليه من تبقى من سكانه
وهؤلاء - الشاب والفتاة - قد أنتهكوا قوانينى
وكان أول نص من هذا القانون أن من ينتهك القانون يُقتل
بإشارة من يدى ظهر من يراقب الشارع - وهو نفسه من أبلغنى عن الفتاة عندما أتت - وألتقط السلاحان
وأختفى
لسنا عسكريين
هذا ما نعلمه كلنا
نحن فقط نتبع غريزة البقاء فى داخلنا
نحاول أن لا نموت
الإنسان هو المثال الوحيد المقنع لهذه الغريزة
فقد أستمر كل هذا الزمن ومازال
لكن تلك الأيام قد أنتهت منذ زمن
فقط من تبقوا أحياء مازالوا يقدرون الحياة
ومازالوا يروا كل يوم على أنه معجزة
أنظر لكل من وُلد بعد الحرب
لا أرى فى عينيه اى بريق
ينظر بخمول لكل شىء
ليش لديه اى دافع لأى شىء
عينان تنظران لكل شىء دون أحساس أو رغبة فى الحياة
مثل كل من ماتوا أيام الحر ب
Comments